احداث شهر محرم
بداية السنة الهجرية
يعتبر
شهر محرم الحرام، بداية السنة الهجرية، أي منذ العام الذي هاجر فيه رسول
الله(ص) من مكة الى المدينة، لما لذلك الحدث من اهمية في حياة الرسالة
الاسلامية من جهة وتغيير وجه العالم من جهة اخرى. فقد كانت هذه الهجرة
بداية لواقع فكري، عقائدي، سياسي واجتماعي جديد، حولت الجزيرة العربية الى
كتلة حضارية متماسكة ورافعة للواء التوحيد في العالم آنذاك، بعد ان كانت
تغطّ في الجهل والتشرذم والخرافة. وبدأ العمل بالتقويم الهجري (حسب الاشهر
القمرية) منذ عهد الخليفة الثاني. يبدأ العام الهجري بمحرم وينتهي بذي
الحجة، فيما يشكل: محرم، رجب، ذو القعدة وذو الحجة الاشهر الحرم من السنة.
وصول جيش عمر بن سعد الى كربلاء
في
الثالث من شهر محرم عام 61 هجري وصل عمر بن سعد بن أبي وقاص على رأس جيش
الكوفة الى ارض كربلاء لقتال الامام الحسين(ع) واصحابه، بعد يوم واحد من
وصول الامام (ع) اليها.
وعمد عمر بن سعد في اول اجراء له لإجبار
الامام الحسين(ع) على الاستسلام الى قطع طريق الماء عن الحسين(ع) ومعسكره،
لكن إباء الامام واصراره على عدم الرضوخ رغم الحشود التي تواجهه وقلة
الناصر، جعل ابن الصحابي سعد بن ابي وقاص يهدد بحرب «اهونها ان تطيح فيها
الرؤوس والأيدي!» على ابن بنت رسول الله. وعلى مدى الايام السبعة (حتى
العاشر من المحرم) قام الامام الحسين(ع) وأصحابه مرّات بدعوة هذا الجيش
الضال الى الاسلام والتخلي عن موالاة يزيد، لكن القوم قد غلبهم الجهل
وغرّتهم الدنيا:
لقد أسمعت لو ناديت حيا *** ولكن لا حياة لمن تنادي
وفاة الشريف الرضي
في
السادس من شهر محرم الحرام عام 406 هـ، توفي الفقيه والاديب الشيعي
المعروف بالشريف الرضي. وهو محمد بن الحسن بن موسى، من اشهر الطالبيين
وزعمائهم، ولد في بغداد عام 359 هـ ونشأ فيها وتلقى علومه على يد اساتذتها
ومن ابرزهم الشيخ المفيد.
اعتقل والده وحبس في احدى قلاع فارس
وصودرت املاكه وهو لم يزل صغيرا لم يتجاوز العاشرة من عمره. لم يمدح احدا
للتكسب، بل كان شعره وسيلة لهدفه ورسالته السياسية، قضى حياته أبيّ النفس
حتى توفي ودفن في بيته بجانب الكرخ من مدينة بغداد.
ترك الشريف
الرضي مؤلفات عدّة ضاع اكثرها، وأهمها: كتاب «مجازات الآثار النبوية»
و«كتاب حقائق التأويل في متشابه التنزيل» وكتاب «تلخيص البيان عن مجازات
القرآن»، اضافة الى ديوان شعره الذي طبع في عام 1889 في بيروت، لكن اهم ما
قام به الشريف الرضي هو جمعه لخطب وكلمات ورسائل امير المؤمنين علي بن ابي
طالب (ع) وأسماه بنهج البلاغة.
استشهاد الامام الحسين(ع)
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين.
في
العاشر من المحرم عام 61 هجري، دوّن التاريخ وقوع اكبر ملحمة فدائية على
الاطلاق، سطر احرفها بالنور السبط الثاني لرسول الله (ص) وأحد سيدي شباب
اهل الجنة الامام الحسين بن علي بن ابي طالب (عليهما السلام).
فعلى
رمال كربلاء بالعراق واجه الامام الحسين والثلة المخلصة من اهل بيته
واصحابه جيش طاغية الشام يزيد بن معاوية بن ابي سفيان، بعد اعلان ثورته
الاصلاحية ضد النظام القائم داعيا للعودة الى الدين ونبذ الحكم الفاسد،
فخرج من المدينة المنورة الى مكة المكرمة بحجة أداء الحج لكنه ترك مكة في
الثامن من المحرم بعد ان جاءته كتب اهل الكوفة بالمبايعة والولاء، لكنه
وبينما هو في الطريق جاءه نبأ استشهاد رسوله اليهم ابن عمه مسلم بن عقيل
ونكوث اهل الكوفة له. فلم يهن في مسعاه لاصلاح الدين وواقع الامة المتدني
بسبب سياسة الحكم الاموي على مدى عشرين عاما، فواجه مع اثنين وسبعين من اهل
بيته وأصحابه جيش الضلال بقيادة عمر بن سعد بن ابي وقاص الذي عدّ بالألوف.
وقدم في سبيل الدين كل غال ورخيص وهو يقول: «ان كان هذا يرضيك فخذ حتى
ترضى». فمنع عنه الماء وشهد مصرع أبنائه واخوانه واصحابه واحدا بعد آخر.
حتى استشهد سلام الله عليه.
وظلت واقعة الطف على مدى التاريخ رمزا
للبطولة والفداء في سبيل العقيدة فجاءت على اثرها عشرات الثورات، واصبح
الحسين (ع) مثلا حتى لغير المسلمين، فهذه مقولة غاندي الشهيرة التي يقول
فيها: «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر».
في هذا العدد من
آفاق، تجد عزيزي القارئ مواضيع عديدة عن شخصية الامام الحسين (ع) والدور
الذي قام به في احياء الدين وكل ما يتصل بنهضته والدعوة للعودة الى الاسلام
الاصيل من خلالها.
ولادة السيد ابن طاووس
في الخامس عشر من
المحرم عام 589 هجري ولد بالحلة (العراق) رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن
محمد بن احمد بن محمد بن احمد بن ابي عبد الله محمد الطاووس، اخذ مقدمات
العلوم في مسقط رأسه وهاجر في شبابه الى بغداد فأخذ العلم عند كبار علمائها
واصبحت له مكانة عند الخليفة العباسي (المستنصر) فمنحه كرسي الافتاء لكنه
أبى.
عاد الى الحلة في اواخر عهد المستنصر، ثم رحل الى النجف، ثم
الى كربلاء، لكنه عاد الى بغداد عام 652 هجري، وشهد سقوطها على يد المغول،
وفي عام 661 هجري تولى نقابة الطالبيين حتى وفاته في الخامس من ذي القعدة
عام 664 هجري. وخلف ابن طــاووس من المؤلفات مجمــوعة احصيت بـ(48) كتابا،
منها: «الابانة»، «الاجازات»، «اسرار الصلاة»، «مصباح الزائر»، «اللهوف على
قتلى الطفوف» و«المنتقى».
ولادة الشيخ البهائي
في السابع عشر من
محرم عام 953 هجري ولد في مدينة بعلبك (لبنان) الشيخ بهاء الدين محمد بن
الحسين بن عبد الصمد بن محمد بن علي بن الحسين بن صالح الحارثي الهمداني
العاملي الجبعي.
اخد العلوم الدينية والعربية على يد والده في قزوين
التي كانت القاعدة الاساسية للدولة الصفوية في عصرها الاول وسافر الى
العديد من المدن الايرانية آنذاك وكانت له مكانة مرموقة بين العلماء ورجال
الدولة، وبعد انتقال عاصمة الدولة الصفوية في عهد الشاه عباس الكبير الى
مدينة اصفهان انتقل هو اليها ايضا وهناك وضع اكثر مؤلفاته واتصل بعلمائها
فأخذ منهم وأخذوا منه، الى ان وافته المنية في تلك المدينة في الثاني عشر
من شوال عام 1030 هجري ونقل جثمانه الى المشهد الرضوي ليدفن الى جوار مرقد
ثامن الحجج الامام علي بن موسى الرضا (ع).
تغيير القبلة
في
الثامن عشر من محرم عام 2 هجري، وبينما كان رسول الله(ص) يصلي في مسجد بني
سلمة صلاة الظهر، نزل الوحي عليه بتغيير القبلة من المسجد الاقصى في القدس
الى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة: «قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنول***
قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره
وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم وما الله بغافل عما
يعملون» (البقرة/144) وكانت نتيجة ذلك القطيعة التامة بين المسلمين
واليهود، حيث كان اليهود يقللون من شأن المسلمين بسبب عدم استقلالهم في
القبلة وتوجههم نحو القدس التي كانوا هم ايضا يستقبلونها في صلواتهم، فكان
هذا الوحي والقرار الالهي، اعلاما باستقلالية هذا الدين وفضل مكة التي
ينتمي اليها المهاجرون وموطن هذا الدين ورسوله (ص)، كما ان في الامر تواصلا
واضحا وتعبيرا عن انتساب الاسلام للحنفية التي جاء بها مشيد اركان البيت
(الكعبة) النبي ابراهيم (ع).